الأربعاء. 24 أبريل., 2013
وناقشت الندوة التطورات المتلاحقة التي يمر بها المجتمع المصري إبان ثورة يناير 2011 المجيدة، في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاجتماعية وغيرها, الأمر الذي أثر بشكل كبير في السلوكيات العامة للمجتمع وأدي إلى انتشار ظواهر غريبة علينا ولم تكن موجودة من قبل بين أفراد المجتمع المصري, حيث تم تسليط الضوء على تلك الظاهرة ورصد حالة المجتمع من منظور نفسي واجتماعي وذلك من خلال دراسة وتحليل المشكلات الحالية وتقديم حلول لكيفية مواجهتها وتقويمها.
وأكد الدكتور ياسر على خلال كلمته الافتتاحية على أننا نعيش الآن في مرحلة ما بعد الثورة وهى مرحلة لها مميزاتها ولها أيضا سلبياتها , لافتا إلى أنه يعمل حاليا لوضح رؤية جديدة لمركز المعلومات ( 2013 – 2030 ) حيث لن يقدم المركز دعمه لمتخذي القرار فقط وإنما لكافة شركاء التنمية مثل المجتمع المدني والقطاع الخاص وغيرها، مشيرا إلى أن هذا كله سيكون في إطار كامل من الموضوعية والمهنية، وأنه بصدد إنشاء شبكة لجميع مراكز الفكر محليّا وإقليميّا ودوليّا.
واستعرض مركز المعلومات فيلما تسجيليا لتاريخ مركز المعلومات منذ إنشائه عام 1985 وحتى عام 2013 مع تولى الدكتور ياسر على رئاسته، الذي أكد مكررا أنه يسعى لتأسيس صورة جديدة للمركز بداية من هذا العام وصولا إلى عام 2030 فى إطار خطة جديدة تحت عنوان"رؤية جديدة لبناء الوطن" وتحويله من كيان يخدم الحكومة فقط إلى كيان يخدم كل الجهات والمؤسسات المختلفة, كما أشار على إلى وجود ثلاثة مؤشرات تبدو اقتصادية ولكن آثرها الاجتماعي كبير وهى:
• خطورة معدل البطالة الذى بلغ 12% فى نهاية عام 2012.
• خطورة معدل الفقر حيث إنة طبقا لآخر تقديرات لعام 2011 وصل لـ 25% من السكان.
• خطورة معدل الأمية الذى بلغ حوالي 33% من إجمالي السكان فيمن تقع أعمارهم فوق خمسة عشر عاما بداية من عام 2006، بالإضافة إلى وجود مشاكل اجتماعية أخرى منها انتشار الأسلحة, وتحدى السلطة العامة وتعطيل الطرق وغيرها من المشكلات التى تؤثر سلبا على حياة المواطنين, وفى نهاية كلمته أكد الدكتور ياس علي على أن القضاء على كل هذه المشكلات يحتاج الى مشاركة فعالة وحقيقية من جميع طوائف المجتمع ممثلة في أحزاب ومؤسسات المجتمع المدنى وغيرها، كما أنه لابد من التعامل مع كل هذه المتغيرات ومواجهتها وأن نعمل سويا على خلق آليات لتعزيز الشراكة المجتمعية.
وخلال كلمته التي ألقاها بالندوة قال الدكتور قدري حفني أستاذ العلوم السياسية بجامعة عين شمس أن تخصص علم النفس السياسي هو تخصص محدود وضيق للغاية وإن الإنسان لا يتصرف وفقاً للواقع ، وإنما وفق رؤيته للواقع, كما أشار الى أنه منذ يوم 25 يناير وحتى 11 فبراير 2011، شهدت مصر أحداث جساما لمعت ثم خفت وتركت بصماتها على الواقع الذي نعيشه حاليا، لافتا إلى أننا يجب ألا نغفل الفترات الثلاث التي كونت الصورة الذهنية للثورة.
1- الصورة الأولى: عندما ثارت مصر من يوم 25 يناير إلى 11 فبراير، تركزت الثورة في المراكز الحضارية والمدن بينما كان الريف والصعيد أكثر هدوءاً رغم أنه أكثر فقراً ومرشحا أكثر للثورة، متسائلا نحتاج تفسيرا واضحا لهذه الظاهرة.
2- الصورة الثانية : الثورة أسقطت الرئيس السابق و الثوار طالبوا بإسقاط النظام لكنهم لم يقوموا بذلك ، بل أنابت عنهم القوات المسلحة وطلبت من الرئيس السابق التنحي، ثورة تحققت بقرار جمهوري.
3- الثورة دمرت مراكز الشرطة والسجون وهو ما سماه ب "بانتقائية العنف" متسائلا وإلا لماذا دمرت بعض مراكز الشرطة ولماذا لم تدمر مراكز أخرى.
وأضاف حفني أن التوافق بالنسبة لمصر في الوقت الراهن ليس خيارا وإنما ضرورة، وأن أحداً منا لن يستطع استبعاد الآخر، كما أنه لا يستطيع نصف المجتمع أن يلغي النصف الآخر حيث انقسم المجتمع المصري إلى قسمين في أثناء انتخابات الرئاسة السابقة، وفي أثناء الثورة طالب المحتشدين في ميدان التحرير بإسقاط النظام ولم يحددوا ماذا بعد ذلك، والآن تطالب المعارضة برحيل حكم الإخوان ولم يحددوا الخطوات التالية بعد ذلك، في الناحية الأخرى تدين السلطة جبهة الإنقاذ وتتمنى لو اختفت. وشدد حفني على أن العنف في المجتمع المصري أصبح أمراً مكتسب، كما أن علم النفس السياسي يعلمنا أنه عندما تواجه سلوكا معيناً بالإشادة فإنه يتكرر ويزداد، ولكن عندما تواجهه بالعقوبة فإنه يرتدع، وأن علم السياسة يقول أن السلطة تحتكر العنف، بينما جماعات الضغط لا تملك قرار وإنما تضغط لتدفع السلطة لاتخاذ قرار في جهة معينة.
وفيما يخص أحداث الفتنة الطائفية علق حفني علي الظاهرة بقوله "فشلت محاولات البعض لإشعالها، حيث لم يتم الاعتداء على أي كنيسة خلال ثورة يناير، ولكننا نجد هجوما متكررا من حين لآخر على الكنائس ثم ينطفئ مرة أخرى، والسؤال هل هناك احتقان طائفي في مصر؟ أو هل يتهيأ المسلمون الفرص لضرب المسيحيين أو العكس؟ ونرد على ذلك بأمرين:
1- في أحداث ماسبيرو ظهر على القناة الرسمية المصرية مناشدة للمصريين للدفاع عن الجيش الذي يتعرض للقتل على أيدي الأقباط، وهي دعوة للفتنة الطائفية، ولكن لم يستحب أحد.
2- في أحداث الخصوص نودي بالجهاد وكان هناك عنف أمام الكاتدرائية، لكن لم يستجب جموع الشعب لذلك ولم يهاجموا الكاتدرائية.
واستكمل نقطة أخرى مهمة وهي أن المصريين العاديين أصبحوا يهتمون بالسياسة، ففي البيت الواحد نجد هناك اختلافات في الآراء السياسية، وهذا لا ينفي وجود اجتراء على الرموز الكبيرة منذ أحداث الثورة، فكان هناك هتافات ضد الرئيس السابق، والآن لا تزال هذه النغمة موجودة.
أما اللواء دكتور عماد حسين مستشار رئيس الجمهورية للأمن المجتمعي فقد اختزل طبيعة الأزمة التي يعيشها المجتمع المصري الآن في ضرورة الاهتمام بالمنظور الأمني عند دراسة قضايا المجتمع المصري من منظور نفسي واجتماعي، باعتبارها أهدافا لثورة يناير. ثانيا: إن الجريمة ظاهرة اجتماعية لذلك ترتبط بالمجتمع ومشكلاته وهمومه. ثالثا يعاني المجتمع المصري من العديد من المشكلات الأمنية وتبذل وزارة الداخلية جهدا كبيرا لاحتواء تلك المشكلات. رابعا: إذا كانت الشرطة مسئولة بحكم الدستور عن تحقيق أمن البلاد، فإنها دائما في حاجة إلى غطاء سياسي وشعبي. ولفت اللواء عماد حسين إلي أن المعادلة في الأزمة هي (قدرة + استعداد + فرص = سلوك منحرف أو جريمة)، وأشار حسين في نهاية كلمته إلى أن الواقع المصري يمكن أن يؤثر على الأمن ويؤدى إلى الجريمة بسبب توافر مقوماتها مثل:
• البطالة.
• مشاكل الشباب.
• المناطق العشوائية.
• وضع المراة.
• أطفال الشوارع.
• الشرطة المجتمعية.
وأكد أن الأمر يحتاج إلى تكاتف من الجميع وسعى المجتمع المصري بكل فئاته وأطيافه ومؤسساته الحكومية والخاصة، للتغلب على كل المشكلات التى من شأنها أن تساعد فى نشر معدلات الجرائم والقضاء عليها ومنع تزايدها.
أما الدكتور علي الصاوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة فقد استهل كلمته بمداخل للأزمة و حلولها تحت عنوان "ومع ذلك لا تخف" ، و "المشاكل كثيرة ومع ذلك" ، " لدينا مقومات انطلاقة اقتصادية كبرى" البشر، الطبيعة " و "اشتدي يا أزمة وانفجري"، مؤكدا أن النجاح سيقود إلى نجاحات كبرى وأن إيمان الشعب المصري بثورته إيمانا فطريا وأن الأجيال الجديدة ترانا وتحزن وستكون رأيا مستقبليا، فهم أبناء العولمة ولن يستسلموا للإحباط، مشيرا إلى تعديل ثقافة وسلوكيات الشعب تكون بالممارسة وليس الوعظ، وأننا نحتاج لتوحيد الثقافات فيما بيننا وأننا يجب أن نخطئ لنتعلم، وأن نرسخ مبدأ محاسبة الكبير قبل الصغير الحكومات قبل الأفراد حتى تتحقق الديمقراطية المنشودة.
تأتى هذه الندوة في إطار حرص المركز على رصد الظواهر المجتمعية و المشكلات الداخلية التي يعاني منها المجتمع المصري، وسعيه الدائم إلى إيجاد حلول لها وتقديمها لمتخذي القرار. أدار الندوة الكاتب الصحفي أيمن الصياد رئيس تحرير مجلة وجهات نظر، وشارك فيها اللواء الدكتور عماد حسين مستشار رئيس الجمهورية للأمن المجتمعي, والدكتور قدري حفني أستاذ علم النفس السياسي, والدكتور علي الصاوي الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية.