ورشة عمل "نحو تمكين المشروعات الصغيرة والمتوسطة: البيئة الداعمة والابتكار الحكومي"
الأربعاء. 27 أبريل., 2016
عقد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء ورشة عمل تحت عنوان "نحو تمكين المشروعات الصغيرة والمتوسطة: البيئة الداعمة والابتكار الحكومي" وذلك يوم الأربعاء 27 أبريل 2016 بالمقر الرئيسي للمركز، وبحضور عدد كبير من ممثلي الجهات الحكومية المعنية بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك ممثلي عدد من البنوك والهيئات الاقتصادية المختلفة, فضلاً عن ممثلين لمنظمات المجتمع المدني، وأعضاء من لجنة المشروعات المتوسطة والصغيرة بمجلس النواب، وعدد من الأكاديميين وأساتذة الجامعات.
استهدفت الورشة إلقاء الضوء على التحديات التي تواجه إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة, فضلاً عن تقديم آليات غير نمطية للتغلب على تلك التحديات، ورصد عدد من التجارب الدولية الرائدة في هذا المجال وتقدير مدى امكانية الاستفادة من تلك التجارب, حيث تأتي هذه الورشة في إطار سلسلة من ورش العمل التي سيعقدها المركز خلال الفترة المقبلة في إطار العمل على تمكين المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وخلال الورشة أكد المهندس/ حسام الجمل, رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار, أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تكتسب أهميتها على المستويين العالمي والمحلي نظراً لما تتميز به من خصائص تجعلها أكثر فاعلية في استيعاب فائض العمل وإتاحتها فرص عمل حقيقة وسريعة، الأمر الذي يؤدى إلى التغلب نسبياً على بعض المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى دعم الناتج المحلي للدول، ودعم الصادرات، وجذب الاستثمارات الأجنبية، حيث تساهم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بحوالي 50% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ونحو 30 % من الصادرات العالمية، ونحو 10% من الاستثمار الأجنبي المباشر، وبمعدلات توظيف تتراوح بين 65% إلى 70% من القوى العاملة عالمياً.
أما على الصعيد المحلي, أشار "الجمل" إلى أن مصر يوجد بها حوالي 2.5 مليون مشروع صغير ومتوسط تمثل نحو 98.5% من منشآت القطاع الخاص غير الزراعي في مصر، وتساهم في توفير ما يقرب من ثلاثة أرباع فرص العمل التي يوفرها القطاع الخاص في مصر، كما تسهم بنسبة 80% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، وأضاف " الجمل" أن الدولة حريصة على تنمية المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة كإحدى ركائز تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاحتوائي، كما تساهم هذه المشروعات في توفير فرص عمل حقيقة خاصة لقطاع الشباب الذي تولي الدولة اهتماماً كبيراًَ به، والذي تمثل في مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي مبادرة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بنحو 200 مليار جنيه, كما عملت الدولة على إيجاد بيئة تشريعية داعمة ومحفزة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ويظهر هذا واضحاً في إصدار قانون "تنظيم نشاط التمويل متناهي الصغر" الصادر بقرار جمهوري في نوفمبر لعام 2014 وصدق مجلس النواب عليه في عام 2016، والذي حدد تعريفاً للتمويل متناهي الصغر في مصر، إلى جانب النظر حالياً في قانون عام 2004 للمشروعات الصغيرة, كما أعفى البنك المركزي البنوك التي تمنح قروضاً وتسهيلات ائتمانية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من نسبة الاحتياطي النقدي لتشجيعها على توفير التمويل لتلك المشروعات، إلى جانب إطلاق مبادرة لتسوية مديونيات صغار العملاء.
وخلال ورشة العمل تم استعراض ومناقشة عدد من المحاور والنقاط من بينها: أهمية المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد, ومستقبل هذه المشروعات في مصر, والتوجهات الداعمة لهذه المشروعات وبيئة عملها, فضلاً عن استعراض مؤشرات أداء بيئة عمل المشروعات المتناهية والصغيرة والمتوسطة والأثر التنموي المتوقع لتحسين بيئة عمل هذه المشروعات، وقد ركزت ورشة العمل على تحليل الوضع الراهن لبيئة عمل المشروعات المتناهية والصغيرة والمتوسطة للوقوف على أبرز التحديات والمعوقات القائمة وتقديم المقترحات اللازمة لمواجهتها، وذلك من خلال دراسة محاورها ومستوياتها المختلفة، حيث تبيَّن أن السياسات الحكومية المتبعة والإطار التشريعي المنظم لعمل تلك المشروعات والبنية التحتية القائمة بحاجة شديدة إلى مزيد من الدعم وإعادة النظر من جانب الدولة من أجل الوصول إلى بيئة عمل ملائمة لتلك المشروعات, كما تم التأكيد على تحسُّن بعض المؤشرات الأخرى عمّا مضى كتهيئة بيئة عمل مناسبة والحصول على التمويل الكافي وأيضاً التسويق والتصدير ولكنها أيضاً تحتاج لدعم من جانب الدولة, في حين أن مؤشر "الدعم الفني" الخاص ببيئة عمل هذه المشروعات بحالة ووضع جيد.
من جهته أكد الدكتور/ عاطف الشبراوي مؤسس والرئيس التنفيذي "لمؤسسة خبير للابتكار الاجتماعي", على أهمية الابتكار داخل المؤسسات المختلفة لأنه يؤدي إلى زيادة النمو العائد والانتاجية والمعرفة، حيث أن الحكومة المحلية بحاجة إلى الابتكار خلال الفترة القادمة وذلك بهدف مواكبة التغير الاجتماعي في المجتمع, وتقديم خدمات عامة وأداء أفضل بتكلفة أقل, وترسيخ ثقافة الابتكار والتعاون. الجدير بالذكر أن مؤسسة خبير للابتكار الاجتماعي تعمل على مساعدة المؤسسات والمنظمات غير الحكومية والشركات وأصحاب المشاريع الاجتماعية والمستثمرين من خلال تقديم حلول مبتكرة واستراتيجيات فعالة للمشاكل الاجتماعية التي تواجه المجتمعات، فضلاً عن تقديم المشورة المهنية للمؤسسات والأفراد من قبل مجموعة من الخبراء الدوليين، وكذلك تقديم دورات تدريبية إبداعية, كما يشغل الدكتور/ عاطف الشبراوي منصب مستشار للأكاديمية الدولية لرواد الأعمال بالمملكة العربية السعودية والتي تهدف إلى تحفيز ريادة الأعمال بالتدريب والتأهيل والبحث الأكاديمي من أجل إيجاد حلول مبتكرة لإنشاء المشاريع والتنمية في المجتمع السعودي, ويشغل "شبراوي" أيضاً منصب خبير اقتصادي للجهاز المركزي للمعلومات بالبحرين، ومستشار التنمية الاجتماعية بوزارة العمل والتنمية الاجتماعية بالبحرين، ومستشار لمركز الابتكار الاجتماعي بالقاهرة.
من جانبه أكد الدكتور/ محمد رمضان، مدير قسم العلوم بالمرصد المصري للعلوم والتكنولوجيا والابتكار بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا, على أهمية قياس الأنشطة الابتكارية لمعرفة الوضع الحالي للابتكارات داخل الدولة والمساعدة في المقارنات الدولية، وأيضاً لدعم الاستراتيجيات والسياسات الداعمة لأنشطة الابتكار، وأشار "رمضان" إلى قيام أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بتنفيذ المسح القومي الثالث للابتكار 2015 ليغطي أنشطة الابتكارات في حوالى 3000 شركة مصرية خلال أعوام 2012 - 2015, والتي أظهرت نتائجه زيادة معدل الابتكار من 11.3% عام 2012 إلى 37.6% عام 2015، وكذلك زيادة نسبة الابتكار في المنتج من 4.2% عام 2012 إلى 25.6% عام 2015، فضلاً عن زيادة نسبة الابتكار في العملية الإنتاجية من 5.8% عام 2012 إلى 34.5% عام 2015.
وفي النهاية خلصت ورشة العمل إلى تقديم عدد من المقترحات لتحسين بيئة عمل المشروعات المتناهية والصغيرة والمتوسطة, حيث اقترحت الورشة لتحسين مؤشرات أداء بيئة عمل هذه المشروعات على مستوى السياسات الحكومية أن يتم إعادة هيكلة قانون الاستثمار، وإصدار قانون جديد لتنظيم التعامل مع القطاع غير الرسمي بما يجعله قطاعاً فاعلاً في الاندماج مع منظومة الاقتصاد الرسمي, وإنشاء كيان رسمي مسؤول عن رسم وتوجيه السياسات والاستراتيجيات المتعلقة بتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة, وتعميم إنشاء مناطق صناعية متخصصة(مثل الروبيكي للجلود ودمياط للاثاث), وإنشاء تكتلات وتجمعات للمشاريع التي تعمل في ذات التخصص بهدف تحقيق التكامل فيما بينها, وإنشاء هيئة مناطق حرة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة, ومعالجة السياسات المالية المتعلقة بالضرائب والجمارك ودعم التصدير, وإيجاد محفزات غير تقليدية لتحويل الشركات الصغيرة والمتوسطة من الاقتصاد الموازي إلى الاقتصاد الرسمي.
كما اقترحت الورشة لتحسين مستوى البنية التحتية اللازم لإقامة المشروعات أن يتم توحيد المعاملة التشريعية بالنسبة لكافة المشروعات الصغيرة, وإنشاء موقع اليكتروني لتسهيل اجراءات تسجيل المشروع, وتوفير مساحات مكتبية وورش عمل مجهزة للمشروعات الصغيرة بالمناطق الصناعية والتجارية الحرة بإيجارات منخفضة, وتعميم تجربة مجمع الخدمات للمشروعات الصغيرة والمتوسطة على كافة المحافظات.
وقدمت الورشة أيضاً عدة مقترحات لتحسين المناخ التشريعي لتلك المشروعات, حيث اقترحت في هذا الصدد حماية المنتجات التقليدية والتراثية عن طريق تفعيل بند المشتريات الحكومية وأن تكون محلية الصنع كأولوية أولى, وتعديل قانون تنمية المنشآت الصغيرة رقم 141 لعام 2004, وتعديل قانون منح حوافز وتيسيرات للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (أراضي، جمارك،..), وتطوير قانون المناطق الحرة, وإقرار قانون تيسير إجراءات تراخيص المنشآت الصناعية لتفعيل منهج الترخيص بالإخطار, وتفعيل القانون الخاص بتفضيل مشاركة الشركات الصغيرة والمتوسطة في 10% على الأقل من المشروعات الحكومية وضمان تنفيذ هذا القانون على أرض الواقع.
وفيما يتعلق بكيفية توفير التمويل اللازم لإقامة تلك المشروعات, قدمت الورشة عدة مقترحات لتحسين هذا الوضع منها التوسع في أساليب التمويل غير التقليدية مثل التمويل التشاركي عبر الإنترنت, أو التمويل الملائكي الذي يقوم بتوفير الخبرات ورأس المال لدعم مشاريع الشباب الناشئة, فضلاً عن إنشاء صناديق لرأسمال المخاطر والإقراض للمشروعات المتناهية والصغيرة والمتوسطة, وتيسير إجراءات الحصول على التمويل مثل التوسع في إنشاء شركات ضمان مخاطر الائتمان, وتوفير المعلومات حول القطاع, وإجراء تعديلات تشريعية.
واقترحت الورشة أيضاً لتنمية بيئة ريادة الأعمال الخاصة بتك المشروعات, أن يتم تحويل بعض المدارس الفنية إلى مدارس نموذجية متميزة, وتوفير البرامج التدريبية اللازمة لدفع وتشجيع المشروعات الناشئة, وتضمين فكر ريادة الاعمال في المناهج التعليمية, وإتاحة سبل الاتصال بين الشركات الناشئة والخبراء والمستشارين من خلال الوزارات والجهات الحكومية, وتحفيز المشروعات بالالتزام بمواصفات الجودة والاعتماد بمد فترات السماح للقروض, أو خفض نسبة من الضرائب, وتحفيز الابتكار وخلق وعي مجتمعي لهذا الاطار، حيث أن التنافسية الحقيقية للاستدامة تتحقق فقط من خلال القيمة المضافة.
كما اقترحت الورشة لتحسين مؤشرات أداء بيئة عمل هذه المشروعات من ناحية التسويق والتصدير, أن يتم إقامة روابط وعلاقات تعاونية بين المشروعات بغرض زيادة قدرتها التنافسية, والحد من الحواجز التجارية وتبسيط الاجراءات التصديرية للمنشآت, وتعزيز الترويج الدولي من خلال الإعلان عن طريق المواقع الالكترونية والمنتديات العامة والمتخصصة أو الاستعانة بالتصوير والأفلام الدعائية, ونشر التسويق الالكتروني من خلال بناء الشراكات المستديمة مع الجهات الدولية ذات الصلة وضمان المنافسة, وتوفير وإتاحة المعلومات والبيانات, حول الاسواق الخارجية وعن الاتفاقيات التجارية المختلفة, مع الاهتمام بتوفير فرص التسويق المباشر من خلال آليات تشاركية بين الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الكبيرة وكذلك عمل توفيق بين الأعمال مع العملاء وبعضهم البعض في السوق المحلي وليس الاكتفاء فقط بالتدريب على التسويق.