IDSC logo
مجلس الوزراء
مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار

ورشة عمل

خارطة الصراع والتعاون في الشرق الأوسط.. رؤية استشرافية

الخميس. 11 مارس., 2021

خارطة الصراع والتعاون في الشرق الأوسط.. رؤية استشرافية

تستقبل منطقة الشرق الأوسط العام الجديد 2021، وهي تواجه حزمة مشكلات على الجبهات الداخلية والإقليمية كافة. فضلاً عن تحديات كثيرة على مختلف المستويات، الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. ويمكن بشكل عام وصف الخريطة الإقليمية للشرق الأوسط بأنها بيئة صراعية مضطربة أو على الأقل متوترة، أكثر منها بيئة تعاونية مستقرة ومتماسكة. 
وحين تتداخل السياسات والمصالح وتتعدد المشكلات والتحديات، تغلب السيولة والضبابية على الأوضاع الإقليمية، بل والداخلية أيضاً. الأمر الذي يعطي أهمية خاصة لتتبع ورصد وتحليل آفاق مسارات التفاعل بين دول المنطقة. واستقراء التغيرات المتوقعة في مضامين القضايا والملفات، خصوصاً تلك التي استجدت مؤخراً. إضافة إلى تحديد الجديد في المنطلقات الحاكمة لمسارات وأوجه التعاون / الصراع، في ضوء سياسات الدول وتوجهاتها الإقليمية في المستقبل القريب. 
أولًا: خريطة الصراعات الإقليمية:
1- صراعات ممتدة: 
‌أ- القضية الفلسطينية:
قضية العصر في الشرق الأوسط، ورغم ما شهدته العلاقات بين بعض الدول العربية وإسرائيل من تطورات إيجابية، فإن عدم التوصل إلى حل جذري للقضية الفلسطينية، لبُّ الصراع، يجعل أية محاولات لتعاون أو حتى مجرد تقارب، مؤقتة وتفتقد مقومات البقاء والتماسك. 
فبحكم التعريف، (التطبيع) يعني تحويل العلاقات إلى طبيعية، وهو ما يتنافى بالضرورة مع وجود خلاف أو مشكلة لها صلة مباشرة وتأثيرات ممتدة ومتواصلة على أطراف ذاك (التطبيع)، حتى وإن لم يكن هذا التأثير كبيراً أو بارزاً على السطح في هذه المرحلة. 
ظاهرياً، قد يبدو من السهل الفصل بين قضية احتلال الأراضي الفلسطينية، والتفاعلات بين إسرائيل وبقية الدول العربية. غير أن مفهوم الصراع العربي الإسرائيلي ومضمونه، الذي ساد تلك التفاعلات منذ عام 1948 وازداد شمولًا وترسُّخًا بعد عام 1967 ولأكثر من نصف قرن، لم يكن يرتبط شرطيًّا باحتلال تل أبيب لأراضي عدة عواصم عربية؛ وإنما لأن الإدراك العربي لطبيعة الصراع وجوهره، تمحور طوال هذه العقود حول كونه صراعَ "وجود لا حدود".
وحتى مع افتراض أن المشكلة مقتصرة فقط على احتلال الأرض الفلسطينية، فإن هذا النطاق ذاته يتضمن حزمة قضايا مرتبطة عضويًّا ولا يمكن فصلها عن بعض، فضلاً عن أن لها أبعادًا متداخلة، منها الديني مثل وضعية القدس، ومنها الديمغرافي مثل حق عودة اللاجئين، والجغرافي مثل بناء المستوطنات، والسياسي/ القانوني مثل الحدود والسيادة. 
ولهذه الأبعاد المتداخلة امتدادات وتداعيات خارج النطاق الجغرافي للأراضي الفلسطينية ذاتها، بما يجعل القضية في التحليل الأخير، ليست فلسطينية فقط وإنما عربية أيضاً. 
لذا، يصعب الجزم بأن استحداث أو تطوير أو إعلان العلاقات مع إسرائيل، يعني انتهاء تلك القضية. وليس من المتصور أن تتوافر لهذه العلاقات المقومات الحقيقية للنجاح والبقاء، مع استمرار القضية الفلسطينية بأبعادها المتشابكة المشار إليها، دون حل جذري عادل وشامل.
وبالتالي، تتطلب تلك التطورات الأخيرة من السياسة العربية رفع درجة الاهتمام بالقضية الفلسطينية بأوجهها المتعددة المتشابكة. خصوصاً ما يتعلق منها بالانقسام الحاصل بين الفلسطينيين أنفسهم، والانتباه إلى ما قد تعمد إليه إسرائيل من استغلال التقارب مع عدة دول عربية في تصفية القضية الفلسطينية ومحو مقومات حقوق الفلسطينيين الثابتة دينيًّا وواقعيًّا وتاريخيًّا وديمغرافيًّا. 
ومن ثم، فإن العمل على منع حدوث ذلك الاستغلال، هو مسؤولية كل الدول العربية، سواء بشكل منفرد، أو جماعيٍّ تحت مظلة جامعة الدول العربية، التي ينبغي لها الاضطلاع بدورها وممارسة اختصاصاتها، بوضع مختلف الأطراف أمام مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية والسياسية، ولا تقتصر هذه الأطراف على العربية أو الإقليمية، بل تشمل أيضاً الأطراف الدولية وتحديدًا القوى الكبرى. 
ومن المستجدات المواتية في هذا الصدد، عودة الحزب الديمقراطي الأمريكي (ممثلاً في الرئيس جو بايدن) إلى البيت الأبيض، وقد شرع بالفعل في اتخاذ بعض القرارات التي تخفف من الانحياز الأمريكي إلى جانب إسرائيل، الأمر الذي يجعل الاستفادة من هذا التطور المهم في السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، واجبًا عربيًّا على المستوييْن القُطري والجماعي.
‌ب- الدور الإيراني:
رغم عدم دقة إطلاق وصف "الصراع" بمعناه المطلق على العلاقات العربية مع إيران، فإن المؤكد هو ندرة فترات التعاون والتفاهم الكامل بين الجانبين، في مختلف العصور. وكما تتداخل الأبعاد التاريخية والدينية والسياسية في قضية الصراع العربي الإسرائيلي، تتداخل أيضاً الأبعاد ذاتها، مع بعض الاختلافات، فيما يتصل بوضعية ودور وطموحات وسياسات إيران في المنطقة، وانعكاساتها على الأمن والمصالح العربية ومنها المصرية. وأياً كان ما ستؤول إليه التطورات في الملف النووي الإيراني تحديداً وفي مجمل الاتصالات الجارية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية بعد تولي الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، ستظل طهران أحد أهم الهواجس ومصادر القلق العربي (وبالتبعية المصري) على الأقل في المدى القصير. خصوصاً أنه في حال وجود انعكاسات إيجابية محتملة على المستوى الإقليمي، فلن تتجسد بشكل سريع فعليًّا في تغيير سياسات وتحركات إيران الإقليمية سواء المباشرة أو عبر وكلائها في المنطقة.
ونظرًا لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في إيران في شهر يونيو المقبل، ليس من المنتظر خلال الأشهر الثلاثة المتبقية على إجرائها، التوصل إلى تفاهم مع واشنطن حول الأزمة بينهما بشأن مصير الاتفاق النووي. فلو كانت لدى إيران نية جادة في هذا الاتجاه، لاستجابت سريعًا إلى الإشارات المشجعة التي صدرت من "جو بايدن" وفريقه الرئاسي قبل دخوله البيت الأبيض في 20 يناير 2021 وبعده، لكن إيران قامت بالعكس، فقد فرضت طهران على واشنطن حالة من السجال الرسمي والإعلامي، تجسد نمطًا تفاوضيًّا تقليديًّا هو "عض الأصابع" الذي يهدف إلى رفع سقف المطالب التفاوضية ويسبق الجلوس إلى مائدة التفاوض المباشر. وأخذت طهران تبعث برسائل واضحة إلى واشنطن وعواصم المنطقة، بعضها كلامي مباشر وبعضها فعلي عبر الوكلاء والأذرع الإيرانية في المنطقة. الدلالة المهمة هنا، أن غرض طهران من تلك الرسائل هو التحذير من قدرتها على إلحاق ضرر بالغ بالمصالح الأمريكية، واختراق أمن دول المنطقة، وتهديد تدفق النفط من المنطقة.
 معني ذلك أن إيران تباشر عمليًّا "أقلمة" الأزمة مع الولايات المتحدة الأمريكية، فتوظف نفوذها الإقليمي وتغلغلها عبر وكلائها في بعض نقاط الصراع والتوتر بدول المنطقة، في إدارة الأزمة مع واشنطن. 
وهنا مفارقة مهمة ينبغي الانتباه إليها، فالسلوك حيث يتناقض موقف إيران بين إخراج الخلاف مع واشنطن عن مساره الثنائي وعن نطاق الاتفاق النووي، وتوسيع النطاق الجغرافي والموضوعي لـ"عض الأصابع". وفي المقابل تُصر طهران على رفض مناقشة دورها الإقليمي وتحركاتها في المنطقة ضمن المفاوضات، وترفض أيضًا إدراج بعض أنشطتها العسكرية غير النووية في أجندة التفاوض، مثل المنظومات الصاروخية. بل أيضًا تتمسك بعدم القيام بأي تعديلات على الصيغة الحالية للاتفاق النووي. وإن كانت هناك احتمالات لأن تُظهر طهران بعض المرونة لاحقًا، فالأرجح أنها ستحاول تضييق نطاق تلك المرونة وقصرها على هذه الجزئية الأخيرة، بإمكانية قبول بعض التعديلات الفنية والإجرائية في صيغة الاتفاق النووي.
ومن منظور مصري، فإن تعارض المصالح أحيانًا بين القاهرة وطهران، والتقاطع في بعض السياسات والتحركات، لا يعني بالضرورة أن إيران تمثل لمصر تهديدًا حيويًّا مباشرًا، كما هو حالها بالنسبة لدول عربية أخرى، إلا أن السلوك الإيراني متنوع الأدوات ومتعدد الاتجاهات، يجعل من طهران أحد المصادر الرئيسة لعدم الاستقرار في المنطقة، كما يدفع إلى ترقب ما قد تفضي إليه المفاوضات المزمعة مع واشنطن، فكما أن لمرحلة ما قبل التفاوض العلني المباشر ثمن إقليمي تدفعه بعض شعوب المنطقة حاليًّا، فمن المهم أيضًا الانتباه مصريًّا والحذر عربيًّا، من التداعيات الإقليمية لأي توافقات أو تفاهمات أمريكية- إيرانية، قد لا تراعي بالدرجة اللازمة متطلبات أمن واستقرار شعوب عربية.
 
‌ج- مشكلات الحدود: 
تكاد الخلافات الحدودية تضم دول "الشرق الأوسط" كافة، وكثير من تلك الخلافات كامن وغير مؤثر في التفاعلات الإقليمية بشكل دائم. لكن بعضها يطل برأسه من حين إلى آخر، وفقًا لعوامل كثيرة، ومن المحتمل استدعاء بعض تلك القضايا الحدودية خلال الفترة القصيرة المقبلة، سواء كان الحضور بالتصعيد أو بالتفاهم والحوار، ومن أهم تلك القضايا بالنسبة لمصر، ملف (حلايب وشلاتين)، فمع وجود مؤشرات تفاهم وتحسن ملحوظ في العلاقات المصرية - السودانية، يظل هذا الملف قابلًا للبروز والتوظيف على الوجهين، التهدئة والتصعيد. 
وقد شهدت العلاقة بين البلدين في الربع الأول من عام 2021 تطورات إيجابية مهمة، يمكن اعتبارها طفرة كبيرة في اتجاه التنسيق والتفاهم الثنائي، شملت مختلف المجالات، خصوصًا في التعاون الدفاعي والتكامل الاقتصادي. 
لكن سيظل ذلك الملف (حلايب وشلاتين) مصدرًا محتملًا للفتور إن لم يكن التوتر، ما لم يعمل الجانبان على تسويته، عبر صيغة توافقية تكفل إغلاقه نهائيًّا أو على الأقل تضمن تحييده، وتنزع منه القابلية للتوظيف السياسي والتأثر بعوامل أخرى قد لا تصب في صالح البلدين.
ويعني هذا، بالنسبة للسياسة المصرية، ضرورة الاستعداد لكل الاحتمالات في هذا الملف من مختلف الجوانب، السياسية والقانونية وغيرهما، خاصة أن بوصلة السودان في إدارة هذا الملف تخضع لعوامل متعددة ومتشابكة، من أبرزها ما يتعلق بمدى تماسك الوضع الداخلي هناك في ظل تذبذب العلاقة بين المكونين العسكري والسياسي في منظومة الحكم الراهنة بالسودان، ومنها أيضًا وجود احتمالات لتأثر هذا الملف الحدودي الثنائي بمقتضيات وتطورات علاقات السودان مع أطراف ثالثة، إما لها خلافات مع مصر (تحديدًا إثيوبيا)، أو لها علاقات ذات طبيعة خاصة ومعقدة (مثل إسرائيل).
 
2- نزاعات مُستجدة ومتجددة: 
أ‌- السودان وإثيوبيا: 
توالت في الأشهر القليلة الماضية إشارات تجدد النزاع بين السودان وإثيوبيا حول تبعية بعض المناطق الحدودية بين الدولتين، كما أن الخلافات حول هذه المناطق قديمة وتعود إلى عقود عديدة، غير أنها شهدت حالة جمود طويلة لاعتبارات كثيرة، كشأن عدد كبير من الخلافات الحدودية في القارة الإفريقية. 
ورغم التراجع مؤخرًا في حدة ووتيرة الاشتباكات المسلحة التي شهدتها بعض تلك المناطق مثل "الفشقة"، فإن استئناف المواجهات المسلحة وارد في أي لحظة، خصوصًا في ظل تمسك كل من الدولتين بموقفهما حول تبعية تلك المناطق والحق في السيادة عليها، وذلك على الرغم من تركيز الخطاب الرسمي والإعلامي لكل منهما على الرغبة في تسوية النزاع بالحوار.
ثمة أسباب وجيهة لأهمية ذلك النزاع المُستجد (أو بالأدق المُتجدد)، تتلخص في التقاطع مع ملفات وقضايا أخرى مهمة، بما يجعل النزاع مرشحًا للتطور إيجابًا أو سلبًا، وفقًا لاتجاه التغير في تلك الملفات الأخرى، بما يعني أن ذلك الخلاف الحدودي القديم الذي انتقل مؤخرًا إلى دائرة النزاعات المسلحة، صار ورقة تأثير وتأثر متبادلين مع ملفين شديدي الأهمية والحساسية، هما ملف سد النهضة الإثيوبي الذي صار يمثل حجر زاوية في علاقات أديس أبابا بالخرطوم، وملف التوتر الداخلي في إثيوبيا حول وضعية إقليم "تيجراي"، وما نجم عنه من توترات مسلحة أدت إلى نزوح مئات الآلاف من الإثيوبيين باتجاه الحدود مع السودان. 
ونتيجة هذا التشابك الكبير جغرافيًّا وموضوعيًّا، أصبح المشهد العام على الحدود بين الدولتين ملتهبًا ومفتوحًا على كل الاحتمالات، وهو الوضع الذي قد يستمر لفترة غير قصيرة، في ظل تمسك الخرطوم وأديس أبابا بموقفيهما في النزاع الحدودي نفسه، فضلًا عن غياب إشارات جدية إلى قرب التوصل إلى حلول تفاهمية حول "سد النهضة"، واستمرار أزمة "تيجراي"، خاصة في الوجه الإنساني لها، المتعلق بالأوضاع المأساوية لسكان الإقليم، فضلًا عن اللاجئين والنازحين. 
ومن ناحية أخرى، فإن التعقيدات الداخلية على الجانبين كفيلة بتثبيت - وربما تعميق -المشهد الراهن؛ حيث تعاني إثيوبيا من عوامل صراعية قبلية وعرقية يصعب تجاوزها إلا بالخصم من تماسك واستقرار الدولة الإثيوبية ككل، بينما يشهد السودان تقاطعًا مُربكًا في الصلاحيات والاختصاصات بين المكونين المدني والعسكري.
وربما يكون هذا التوازي بين الارتباك والتوتر الداخلي في أديس أبابا والخرطوم، دافعًا لإحدى الدولتين أو كليهما نحو الهروب من أزمات الداخل، وتحويل التوترات الحدودية والاشتباكات المحدودة التي تقع على جانبي الحدود السودانية الإثيوبية إلى نزاع عسكري، ليس شاملًا بالضرورة وإنما ينحصر على الأرجح في مواجهات مسلحة متوسطة النطاق والخطورة، ليصبح الطابع الصراعي هو الغالب على الصورة العامة للعلاقات السودانية- الإثيوبية في المدى القصير، وربما أيضًا المتوسط.
 
ب‌- الداخل العراقي: 
يشهد الوضع الداخلي في العراق أزمات أمنية وسياسية واقتصادية متتالية منذ سنوات عديدة، لكن عام 2020 حمل جديد مهم يرشح الوضع في العراق لتطورات أخرى هذا العام 2021. 
تمحور جديد 2020 في مسارين؛ أولهما: التغير النسبي في موقف الحكومة العراقية من الميليشيات المسلحة غير المنضوية تحت مظلة قوات الأمن الحكومية الرسمية، خصوصًا ميليشيات الحشد الشعبي والفصائل التابعة والمشابهة لها، والمسار الثاني: هو استمرار الجدل والغموض حول بقاء أو خروج القوات الأمريكية من العراق، وكان الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" قد قرر سحب أعداد إضافية من القوات الأمريكية الموجودة على الأراضي العراقية، وكان المتوقع والمعلن أن يمضي الرئيس الجديد "جو بايدن" في تنفيذ القرار، إلا أن التطورات المتلاحقة التي تمر بالعراق، تفتح الباب أمام احتمالات أخرى لوضع القوات الأمريكية هناك، منها إرسال أعداد إضافية من الجنود الأمريكيين، ويعكس هذا التذبذب في الموقف الأمريكي، حالة الارتباك وعدم وضوح الأفضلية بين الخيارات المحدود المتاحة.
فقد صار وجود القوات الأمريكية فوق الأراضي العراقية مكونًا أساسيًّا في التفاعلات الجارية وورقة مهمة في العلاقة المتأزمة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، وتعرضت القوات الأمريكية عدة مرات إلى عمليات قصف صاروخي متكررة. جاء بعضها في سياق رد إيراني غير مباشر على استهداف واشنطن لميليشيات موالية لها، والانتقام لاغتيال العالم النووي محسن فخري زاده (وقبله بعام اغتيال القيادي العسكري رفيع المستوى قاسم سليماني قائد الحرس الثوري)، وجاء البعض الآخر ردًا على محاولات الحكومة العراقية تحجيم قدرات وأدوار فصائل الحشد الشعبي المسلحة، وغيرها من الفصائل الموالية لإيران، مثل كتائب "حزب الله العراقي". 
بالتالي فالبدائل أمام واشنطن صعبة ومحيرة، بين سحب قواتها من العراق للحفاظ على أرواح الجنود الأمريكيين، والاحتفاظ بالعدد الموجود وربما زيادته؛ تجنبًا لترك الساحة العراقية مفتوحة أمام النفوذ الإيراني، وضمانًا لاستمرار القدرة على مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، دون حاجة إلى دعم الفصائل الموالية لإيران. 
والمغزى الحقيقي للتطورات الجارية في هذين المسارين، أن الوضع الأمني (وبالضرورة السياسي) في العراق مرتبط إلى حد كبير بتطورات العلاقة بين واشنطن وطهران، ووفقًا لما ستؤول إليه لعبة الشد والجذب بين الطرفين، سيتحدد مسار الوضع الداخلي في العراق. 
ج- الأزمة الليبية:
نشبت الأزمة الداخلية في ليبيا عام 2011، وخرجت في أعوام قليلة من نطاق الأزمة الداخلية لتصير إقليمية بامتياز، مع حضور متفاوت ومتذبذب للقوى العالمية الكبرى. ومع اقتراب الأزمة من إكمال عقدها الأول، وبفعل التوازن الميداني الحرج على الأرض، والتطورات الضاغطة في ملفات إقليمية أخرى، ظهر مؤخرًا توافق ضمني بين معظم الأطراف المنخرطة في الأزمة الليبية على الخروج من الموقف المتأزم الراهن، وانعكس هذا الحرص في جولات التفاوض المتتالية التي جرت خلال الأشهر الماضية، قبل أن يتوج خلال شهري يناير وفبراير 2021، تحت إشراف البعثة الأممية إلى ليبيا، بالتوصل إلى خارطة طريق لمرحلة انتقالية، تفضي بدورها لاحقًا إلى تسوية سياسية شاملة.
وبدأ الليبيون بالفعل في مباشرة تنفيذ تلك الخارطة، وذلك بتشكيل حكومة انتقالية روعي فيها تمثيل الأقاليم الليبية الثلاثة الرئيسة، الشرقي "برقة" والغربي "طرابلس" والجنوبي "فزان"، والمهمة الأساسية لتلك الحكومة هي توحيد السلطات وتجميع الصلاحيات التي كانت متداخلة بين المؤسسات السياسية والأمنية في الشرق والغرب، والإشراف على المراحل التحضيرية، وإجراء انتخابات عامة في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل.
بتلك التطورات المُبشرة، يبدو أن الأجواء السياسية والأمنية تتهيأ للمضي قدمًا نحو مرحلة انتقالية ناجحة، خاصة في ظل استمرار كل الأطراف في المفاوضات والمشاورات السياسية على أكثر من مسار، بالتوازي مع تثبيت وقف إطلاق النار. 
في المقابل، ليس من الواقعية تصور أن تلك التطورات الإيجابية تعني بالضرورة التوصل سريعًا إلى حل جذري ونهائي للأزمة الليبية، لأسباب متعددة؛ أهمها أن التباينات لا تزال كبيرة بين المواقف والتقديرات الخاصة بكل طرف للحل الغائب والصيغة النهائية المطلوبة لمستقبل ليبيا. إضافة إلى أن موازين القوة الفعلية سواء في الداخل الليبي أو بين الأطراف الخارجية المنخرطة في الأزمة والمعنية بها، لا تزال متقاربة ولا تسمح لأي من الأطراف بفرض إرادته السياسية على بقية الأطراف. 
ثانيًا: منطلقات جديدة:
في ظل البيئة الإقليمية السائدة، دخلت مسارات الصراع والتعاون في "الشرق الأوسط" مرحلة جديدة، أبرز ملامحها أن الإقليم محاط بأزمات كثيرة متشابكة موضوعيًّا (سياسيًّا وأمنيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا) وجهويًّا (داخليًّا وخارجيًّا)، كما تتسم طبيعة العلاقات فيها بدرجة عالية من الاستقطاب والحدة، بين التعاون والتنسيق العميق، أو التنافس والاختلاف إلى حد الصراع بأشكال متعددة تصل أحيانًا إلى استخدام القوة، وفرضت تلك البيئة المتحولة باستمرار، تطورًا متواصلًا في محددات ومنطلقات حركة الدول وإدارتها لعلاقاتها الإقليمية بوجهيها، الصراع والتعاون.
 
1- من تحقيق المصالح إلى درء التهديدات: 
طوال العقد الأول من الألفية الجديدة، غلب على التفاعلات الإقليمية في الشرق الأوسط، النزوع إلى إقامة تحالفات إقليمية أو تحت إقليمية، واتجاه معظم الدول إلى البحث عن مواطن التفاهم والتنسيق والتعاون لتعظيم المصالح المشتركة ومأسسة أطر ومداخل لتبادل المنافع فيما بينها، وقد تغير هذا النمط منذ مطلع العقد الثاني، باتجاه تبني سياسات منفردة لتحقيق المصالح وفق الرؤية الوطنية لكل دولة في المقام الأول، على حساب الرؤية القومية أو التفاهمات الجماعية، وما كان يسمى في بعض مراحل المد القومي العربي "العمل العربي المشترك"، فأصبحت بوصلة سياسات الدول (العربية والإقليمية) تتجه تلقائيًّا نحو درء التهديدات ومواجهة التحركات المناوئة. ولا تبدو في الأفق إشارات أو دلائل كافية إلى أن العلاقات بين دول المنطقة ستعود قريباً إلى الطابع التعاوني، سواء على المستوى الجماعي أو متعدد الأطراف؛ إذ سيستغرق الأمر فترة زمنية طويلة نسبيًّا، قبل أن تقترب دول المنطقة من حل الإشكالات الداخلية وتصفية الخلافات الثنائية والأزمات الإقليمية، ثم الانتقال بعدها إلى البحث عن سبل التقارب والتعاون.
وبينما توجد حالات تعاون وتفاهم وتنسيق ثنائي بين بعض الدول، يوجد بل يغلب على العلاقات الثنائية لدول أخرى تصاعد التفاعلات السلبية، بما يجعلها تقترب أحياناً من منحى صفري. والدلالة المهمة هنا، أن هذا التغير السلبي في منطلقات التعامل، يجعل الدول العربية بصفة خاصة، في حالة أشبه بالتربص الجماعي والاستنفار المتبادل، وكل منها منشغلة بالخشية من الدول الأخرى، بدلًا من البحث عن قواسم مشتركة والاستقواء العربي- العربي.  
2- قضايا لا محاور:
مع انحسار المد القومي وتراجع وزن ودور الأيديولوجيات في توجيه سياسات الدول، تراجع أيضًا نمط التحالفات الدائمة والشاملة الذي كان سائدًا على المستويين العالمي والإقليمي خلال فترة الحرب الباردة والقطبية الثنائية، وفي السنوات الأخيرة، بدأت دول المنطقة تدرك أهمية الفصل بين الملفات والقضايا في علاقاتها سواء الثنائية أو الجماعية، وصعوبة تعميم نمط واحد، تعاوني أو صراعي، على العلاقات والتفاعلات فيما بينها. 
فمثلًا، قد تختلف تقديرات السياسة المصرية مع دولة ما بشأن قضية أو أكثر، بينما يجمعهما تنسيق وتفاهم عالي المستوى في قضايا أخرى؛ لذا، لم يعد من السهل رصد وتصنيف العلاقات الإقليمية في الشرق الأوسط، وفقًا لمحاور أو تحالفات شاملة ومطلقة. 
مثلًا لتركيا علاقات وثيقة ببعض الدول العربية دون غيرها؛ فيما لبعض هذه الدول علاقات جيدة بإيران ولبعضها الآخر خلافات حادة معها، وكذلك بالنسبة لإسرائيل، فلتركيا تفاهمات عميقة مع بعض الدول التي لا تزال تعتبر إسرائيل عدوًا. فيما تتجه أنقرة إلى تحسين علاقاتها مع تل أبيب. بل صارت حاليًّا بين بعض الدول العربية وإسرائيل علاقات جيدة وتفاعلات تزداد اتساعًا وعمقًا، وصلت إلى حد إلغاء تأشيرات الدخول؛ فيما لا تجمع هذه الدول نفس الدرجة من الموثوقية والتنسيق مع دول عربية أو إقليمية أخرى في المنطقة، ومن شأن كل ذلك أن يجعل من العسير تقسيم العلاقات بين دول المنطقة إلى محاور أو تحالفات أو تكتلات.
ولعل عام 2021 يحمل من التطورات والشواهد ما يؤكد هذا النمط الجديد لمنظومة العلاقات الإقليمية، وهو ما صدرت بالفعل دلائل عليه، من أهمها بوادر انتهاء "الأزمة الخليجية" واتجاه العلاقات بين دولها إلى انفتاح تدريجي. والمتوقع أن تشهد بقية شهور العام مزيدًا من التطورات الإقليمية المحكومة بنفس النمط الموضوعي البراجماتي مثلًا، يمكن توقع تحسن في العلاقات المصرية التركية، على وقع تقاطع المصالح في عدد من الملفات الإقليمية. والأرجح أن يأتي التحسن تدريجيًّا وبنسب متفاوتة بين ملف وآخر، وفي حال صحة هذا التوقع، سيمتد ذلك التحسن إلى علاقات أنقرة بدول عربية أخرى، خصوصًا بعض دول الخليج، بل ربما يجري على المسارين بالتوازي.
3- تحييد المنظمات الإقليمية: 
عانت منطقة "الشرق الأوسط" طويلًا من أزمة هيكلية في إدارة العلاقات بين دولها، تلك هي محدودية المقومات الواقعية (المصلحية) الحاكمة لسياسات ومواقف دول المنطقة تجاه بعضها البعض، خصوصًا ما يتعلق بالمصالح الاقتصادية والتقنية والروابط غير الرسمية في الإعلام والثقافة والرياضة، وبرزت أهمية غياب تلك الروابط والمقومات أو قلة فعاليتها، مع تراجع المحاور والتحالفات التقليدية. 
والمتوقع أن ينعكس كل ذلك على منظومة العلاقات الإقليمية بشكل عام، لكن بصفة خاصة وأكثر بروزًا في المنظمات والمؤسسات الإقليمية التي تؤطر العلاقات بين دول المنطقة أو بعضها. وهو ما وضح بشدة في الخلافات التي عصفت بمجلس التعاون لدول الخليج العربية، حتى صارت العلاقات بين الدول الأعضاء تخضع لاعتبارات وطنية، وتأخذ مسارات ثنائية فقط. 
كذلك الحال بالنسبة لجامعة الدول العربية، إذ تقلصت قدرتها على ضبط المواقف والسياسات إزاء مشكلات وقضايا المنطقة، وكذلك التفاعلات والعلاقات، سواء فيما بين الدول العربية وبعضها أو تجاه الدول غير العربية. 
فالجامعة العربية هي المؤسسة الإقليمية التي يفترض فيها تجميع المصالح العربية، والتنسيق بين دولها في مواجهة التهديدات بل ومنعها، خصوصًا إذا كانت عربية المصدر أيضًا. 
وبدلًا من أن تضطلع هذه المؤسسة بمهمتها الأولى كمظلة عربية جامعة، تأثرت هي نفسها بحالة الانقسام العربي – العربي، حتى إنها صارت تعاني عجزًا شبه كامل. ليس فقط على مستوى الفعالية، بمحدودية التأثير وضعف الدور، بل أيضًا بهشاشة الأداء الشكلي وارتباك المظاهر البروتوكولية، والأمثلة على ذلك كثيرة ومتوالية، كعدم الانتظام في عقد القمم والاجتماعات، إضافة إلى محدودية المشاركة وانخفاض مستوى التمثيل فيما ينعقد منها، فضلًا عن عدم التزام عدد من الدول بتسديد الحصص المالية المقررة عليها في ميزانية الجامعة.
بشكل عام، يمكن اعتبار دور المنظمات الإقليمية في الشرق الأوسط، بل وأدوار المنظمات الدولية أيضًا، بما فيها الأمم المتحدة، خارج حسابات ومحددات إدارة الدول لعلاقاتها وسياساتها تجاه مختلف القضايا والتطورات المهمة، على الأقل في المدى المتوسط. 
ثالثًا: المستقبل.. محركات التعاون والصراع:
1- علاقات جزئية منفصلة: 
في عام 2021 والأعوام القليلة التالية، ستستند العلاقات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط بوجهيها (التعاوني/ الصراعي) إلى معايير براجماتية موضوعية. محركها الجوهري وربما الوحيد أحيانًا هو المصالح المباشرة الخاصة بكل دولة؛ ما يجعل التفاعلات خليطًا من التفاهم والاختلاف والتنسيق والتعارض، حسب كل قضية أو ملف، وارتباط كل منها بمدى حيوية واستراتيجية المصالح الكامنة فيها، وخطورة أو إلحاح التهديدات المرتبطة بها ضمن مصفوفة أولويات الأمن القومي لكل دولة، ويتضح هذا النمط المرن في إقامة بعض الدول علاقات وتفاهمات مع عدة دول أخرى لا تجمعها معًا مواقف واحدة أو سياسات منسقة، بل أحيانًا تكون في حالة نزاع أو خلاف حاد فيما بينها. 
2- الأمن محركًا رئيسًا: 
صارت الهواجس الأمنية والحاجة إلى سد ثغرات الاضطراب وعدم الاستقرار، ملمحًا أساسيًا في منطلقات التعاون أو الصراع بين دول المنطقة، في ظل خريطة الصراعات الإقليمية المعقدة، وتشابكها مع الأوضاع الداخلية والعالمية أيضًا؛ فقد انتقلت كثير من الدول إلى البحث عن "الأمن" بالمعنى الشامل، على حساب التقدم الاقتصادي والاجتماعي أو التنمية بمعناها الشامل، بل في بعض الدول التي تشهد تفككًا أو انقسامات أو حروب ونزاعات وغيرها من أوضاع داخلية مُتردية، لم يعد واردًا أي حديث أو تفكير في مستقبل أفضل، بل صار الخروج من الوضع الراهن المأساوي، غاية وحلمًا صعب المنال بحد ذاته.
3- إعادة الإعمار:
في ظل انتشار النزاعات الداخلية العنيفة في عدد من الدول العربية، ووجود إشارات إلى قرب إيقاف الوجه المسلح لتلك النزاعات، وربما الاتجاه نحو ترتيبات سياسية واقتصادية لما يمكن تسميته "مرحلة ما بعد السلاح"، يتوقع أن تشهد المنطقة رواجًا في عمليات إعادة الإعمار ومشروعات البنية التحتية في بعض الدول، وهو ما سيجعل المسارات الاقتصادية والتنموية أحد أهم أوجه التعاون والتنسيق على المستويين الثنائي والمتعدد في المدى القصير، فضلًا عما لهذه المسارات من أهمية قصوى في مستقبل شعوب تلك الدول وخطط التنمية المستقبلية لها، كما ستحمل أيضًا دلالات وأبعاد سياسية مهمة، منها ما يتعلق بقدرة الأطراف المنخرطة في إعادة الإعمار على التأثير والمساهمة في تشكيل مستقبل تلك الدول، ومنها ما يتصل بتوجهات الشعوب وإدارة الحكومات في تلك الدول لعلاقاتها الخارجية في المرحلة الانتقالية التالية لوقف النزاع، ومن ثم إعادة رسم شبكة تحالفاتها (وصراعاتها) مع الدول الأخرى. سواء التي لعبت أدوارًا إيجابية من خلال إعادة الإعمار، أو تلك التي كانت لها مواقف أخرى غير مواتية. 
4- الطاقة والتكنولوجيا: 
ليس جديدًا أن كلًا من الطاقة والتكنولوجيا أصبحتا في الألفية الجديدة ركيزتي التقدم لأي دولة، والجديد الذي ينتظر أن تحمله تطورات المستقبل القريب في المنطقة، يتركز إلى حد بعيد في مسارين محددين:
أ‌- الأول هو اتجاه دول المنطقة، وكذلك بعض الدول من خارجها، إلى البحث عن (والاستفادة من) أية مصادر جديدة للطاقة، سواء التقليدية ممثلة في النفط والغاز، أو الطاقة الجديدة والمتجددة مثل الطاقة الشمسية وكذلك المياه؛ لذا من المتوقع أن تستمر وستتصاعد حدة التنافس، بل قد تصل إلى مستوى النزاع المباشر، سواء المسلح أو القانوني والدبلوماسي، وهو ما تتجه إليه التطورات في منطقة شرق المتوسط بصفة خاصة، على وقع التنافس الإقليمي المحتمل حول موارد واكتشافات الغاز، وما ينجم عنه من قضايا قانونية وحدودية بل ومناوشات عسكرية محدودة، كما تكرر ذلك خلال العام الماضي بين تركيا واليونان. 
ب‌- المسار الثاني مرتبط مباشرة بالمعرفة التكنولوجية، فقد تجاوزت كثير من الدول على مستوى العالم مرحلة استيراد التكنولوجيا أو تقليدها، وبدأت مؤخرًا تتجه نحو التجديد والابتكار في التكنولوجيا، بمعنى استحداث وسائل وأدوات وآليات تكنولوجية جديدة لتحقيق الأهداف والإنجازات نفسها، التي كانت تتحقق لكن دون الإلمام بالمفاتيح والأسرار المعرفية الخاصة بتكنولوجياتها، وعلى مستوى العالم تتصدر الصين هذه الدول التي أصبحت تجعل تحديث وابتداع المعرفة التكنولوجية جزءًا جوهريًّا من استراتيجياتها للتقدم والنمو في مختلف المجالات، بينما في منطقة الشرق الأوسط، قطعت كل من إسرائيل وتركيا خطوات مهمة في هذا الاتجاه. 
ومن المتوقع أن تحاول بعض دول المنطقة مجاراة هذا التطور، بينما ستضطر دول أخرى إلى الاكتفاء باستيراد و"جلب" المنظومات التكنولوجية الجديدة (تسليم مفتاح)؛ الأمر الذي سيخلق سوقًا جديدة في المنطقة، هي سوق المعرفة التكنولوجية، بما فيها من محاولات احتكار ومنافسة ومكاسب وخسائر وازدهار وإفلاس.
 

تقييم الموقع